أواهنٌ قلبُك؟..


أواهنٌ قلبك؟ لا بأس عليه..غريب بين قلوب من حوله ولم يألف له خليلا ومثيلا..

ذاك الغضّ الحليم الذي لم تزده شدائد الأيام إلا حلما وصبرا..قلبٌ كإيّاه عبءٌ على صاحبه.. لم يفضِ يوما بما يخالجه ولا شكى..

أوّاه.. لو أنَّ سائر قلوب الخلق مرضت كقلبك, فلربّما استصّحت.. ولربما حنى الكون بمن فيه وفاض الحلم..

راودني أن أُعيرك قلبي لكنما صرفني عن ذاك أنه ليس بذات نقاء وصفاء ما تُكنّه بين ضلوعك..

لا يساويه حلما ولا رحمة, ولا قوة اصطبار, أخاف عليك منه.. وحده الشيء الذي لم تورّثني إياه,  ويا أسفى!..

لا أعتب على قلبٍ أتعبك اليوم.. فكم مصيبةً احتمل؟ وكم حادثةٍ قبضته؟ وكم طوى وأغضى؟ موت ثمانية من الولد تلاه فقد الزوج..

وأردفه أن يرى من صحبته في دنياه واحتملته حتى جاز صباه وشبّ, تصارع الأدواء بعد الأدواء حتى احتملها “هو” من بعد مشيبه فوق كتفيه و سفى عليها ثرى الأرض مخضّبا بماء عينيه..
عَضدَ المُصاب إخوةً رآهم رأي العين يذبلون وتغرس يد المنون في أحشائهم أنصالها, حتى غدوت وحدك من يتقن لغة الفقد لفرط ما استودعتَ من أحباب, وتدري ما أبجديّة الفراق..

يا حبيبي, هاك كلي وجسدي.. دُسّ به ما نغّص وأنكد جسدك الواهي وما راكمته السنون ولا تبالي.. لا هناءة لي ولا طيب عيش وأنت مسجّى بالبياض يلفّك, وبتلك الأنابيب التي أرهقتك..

يؤذيني إلتحاف البياض لو تعلم.. يفزعني منظره وأبغضه, كنتُ اليوم بأسوأ حالٍ وأرداه, لم أطق الذهاب لرؤيتك, أدري بعجزي عن احتمال مرآك, أنا اليوم أبعدهم عنك جسدا وأقربهم لك شعورا..

عهدي بالدمع قديم, لكنه اليوم ثجّاج يكاد يُذهب بعينيّ.. لا لقمة أسيغ, ولا يطيب لي قرار, أحاول أن أسلو ولا قدرة لي.. قبل اليوم ظني بي أني أجلد وأقدر على الاحتمال, واليوم كقشّة في ريح هصور..يكاد يفرق فؤادي جزعا..

عِدني أن تعود بمحيّاك البارق ومبسمك الحاني كالذي اعتدته, عدني أن يطرّز سمعي كل صباح صوتك وأنت تسقي زرعك وتعبق الاجواء قهوتك المهيّلة..

أنا من كنت أهرب من والدي لأحتمي منه خلفك, من أراه بين الرجال ذا مهابةٍ وتقدير واعتبار, ومعي يتصابى ويركض خلفي..

لا زلت طفلتك التي تنسى معها مهابتك, لا تبالي بمنظرك وأنت تلاعبها غير مكترث بشعرك الأشيب وهيئتك الوقور..

لا تزال أدق تفاصيل صباحاتنا سويا طي ذاكرتي وأنا ألحّ عليك أن نستفتحها كل يوم بـ”سوبر ماركت” جديد, وتلبّي طائعا محبّا حانيا..
الرجل الذي كان يزهو بي ويفخر إن أتيته مستبشرة بشهاداتي, ويتوّجني بعبارة تطرب قلبي وأتراقص لها أكثر من كافّة شهادات الدنيا: ” كفو.. بنتي اللي أعرف ” وتربت يداك على كتفيّ..
عُد أنت الآن من أجلي: جدّي الذي أعرف..

“اللهم رب الناس, أذهب الباس.. واشفه أنتَ الشافي, لا شفاء إلا شفاؤك.. شفاءً لا يغادر سقما”
حسبي الله ونعم الوكيل وكفى..

4 تعليقات to “أواهنٌ قلبُك؟..”

  1. bea Says:

    ما يشوف شر و الله يقومه بالسلامه يااارب ..و يفرّح قلوبكم و قلبه 🙂

    • مَـوَاسِمْ ..! Says:

      Bea .. دعواتك تعني لي الكثير وهو ما أنا بحاجته حقا.. ممتنة لمواساتك :”)

  2. mohammed Alqarany Says:

    مبكٍ ما سطرتيه يا كريمة عن هذا الجدّ الكريم، أسأل الله أن يرفعَ ما به عاجلاً، ويفرح قلوبكم بعافيته وشفائهِ.
    للتوّ قرأتُ (التدوينة) وأرجو أن يكون بخير وصحّة.

    • مَـوَاسِمْ ..! Says:

      الحمدلله على كل حال, ولا خيّب الله دعواتنا والرجاءات..
      لعلها فترة عصيبة تنزاح ونستبشر بعودته سالما معافى..
      سلّمك الله محمد وسلّم لك أحبابك..

اترك رداً على mohammed Alqarany إلغاء الرد